الخبر الرئيسيمقالات

“بقلم صالح شوكة” الضفة الغربية تحت الحصار: حياة الفلسطينيين بين القمع والصمود

بينما تتركز أنظار العالم على جرائم الإبادة التي ترتكبها دولة الاحتلال في قطاع غزة، تستمر الانتهاكات اليومية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية. هذه الانتهاكات ليست فقط عسكرية، بل تمتد لتشمل كل جوانب الحياة، مما يجعل الوضع هناك أشبه بحالة حصار دائم.

الحصار الأمني المستمر

منذ السابع من أكتوبر، وضعت سلطات الاحتلال الضفة الغربية على رأس اهتمامها، متذرعة بالأسباب الأمنية. تزعم هذه السلطات أنها تخشى تكرار اقتحام مستوطنات غلاف غزة في المستوطنات القريبة من نابلس، قلقيلية، والخليل. لكن الحقيقة أن هذه الإجراءات ليست جديدة، بل هي جزء من استراتيجية قديمة تهدف إلى منع الضفة من أن تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقلة.

أزمة مالية خانقة

تعيش الضفة الغربية أزمة اقتصادية خانقة بفعل سياسات الاحتلال. تشمل هذه السياسات مصادرة عوائد الضرائب الفلسطينية، والتي تقدر بحوالي ثلاثة مليارات شيكل. بالإضافة إلى ذلك، منع الاحتلال أكثر من 200 ألف فلسطيني من العمل داخل المناطق المحتلة عام 1948، وأوقف تمويل “الأونروا” التي تدعم وتشغل اللاجئين الفلسطينيين. هذه الضائقة المالية دفعت البنك الدولي إلى التحذير من إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية.

توسع الاستيطان وصلاحيات جديدة للمستوطنين

في خطوة تعزز من سيطرة المستوطنين، أعلن الجيش الإسرائيلي نقل جزءٍ من صلاحياته الإدارية في الضفة الغربية لموظفي “الخدمة المدنية” التابعين لوزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش. هذه الصلاحيات تشمل التخطيط والبناء على مساحة تقدر بـ60% من الضفة، مما يتيح للمستوطنين المزيد من السيطرة ويحولهم إلى جيش نظامي موازٍ.

 الحواجز والتضييقات

لم يكتف الاحتلال بخنق الفلسطينيين من خلال المستوطنات، بل زاد من عدد الحواجز ونقاط التفتيش، التي يصل عددها اليوم إلى أكثر من 700 حاجز عسكري. هذه الحواجز تعرقل حركة الفلسطينيين، وتزيد من معاناتهم اليومية. كما تم نصب بوابات حديدية على مداخل القرى والبلدات الفلسطينية، مما يحولها إلى سجون مفتوحة.

تقليص كميات المياه

في أيار/ مايو الماضي، خفض الاحتلال كميات المياه المخصصة لمدينتي الخليل وبيت لحم بنسبة 35%، ولمدينة رام الله بنسبة 50%. هذا الخفض في المياه يهدف إلى زيادة حصة المستوطنين من المياه، مما يفاقم معاناة الفلسطينيين في الحصول على مياه الشرب والاستخدام اليومي.

تدمير البنية التحتية وهدم المنازل

تستهدف سلطات الاحتلال تدمير البنية التحتية الفلسطينية، خاصة في مخيمات شمال الضفة الغربية. تشمل هذه العمليات تدمير الشوارع، خطوط الهاتف، الإنترنت، المياه، الكهرباء، والمجاري. الهدف من هذه الإجراءات هو تقويض الحياة اليومية للفلسطينيين وزيادة الضغط عليهم.

 الاعتقالات والانتهاكات في السجون

تشهد الضفة الغربية حملات اعتقال يومية. منذ السابع من أكتوبر، تم اعتقال حوالي 9 آلاف فلسطيني، منهم أكثر من 3 آلاف معتقلين إدارياً. تعيش الحركة الأسيرة أسوأ مراحلها في ظل تزايد انتهاكات إدارة مصلحة السجون بإشراف وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير.

الصمود والأمل

رغم كل هذه الأزمات والانتهاكات، يبدي الفلسطينيون في الضفة الغربية علامات الصمود. يرفضون خيارات التهجير الطوعي أو الإجباري، ويؤمنون بأن معركة “طوفان الأقصى” قد تكون بداية لمرحلة جديدة تنتهي برحيل الاحتلال وتحقيق العدالة.

الوضع في الضفة الغربية يعكس صورة قاتمة للواقع الفلسطيني، حيث يتعرض الشعب لأشكال متعددة من القمع والاضطهاد. ومع ذلك، يبقى الأمل قائماً في نفوس الفلسطينيين بأن العدالة ستتحقق يوماً، وأنهم سيتمكنون من بناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى