فلسطيني

“أزمة الخبز” تضاعف معاناة الغزيين

 

مع بداية بزوغ الشمس يومياً، يسارع المواطن أحمد نصار من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، مع خمسة من أشقائه، مشياً على الأقدام للوصول إلى أقرب مخبز لهم، والاصطفاف في طابور طويل للحصول على القليل من الخبز لعائلتهم النازحة.

وبعد ساعات طويلة على الانتظار، التي غالباً ما تتخللها شجارات بين المواطنين خشية أخذ دور الآخر، يشتكي نصار (33 عاماً)، وهو أب لأربعة أبناء، من أنه بالكاد يستطيع شراء 4 كيلوغرامات من الخبز، وفي بعض الأحيان قد يعود إلى منزله المكدس بالنازحين “صفر اليدين دون شيء”.

وقال نصار بعدما اقترب دوره للحصول على الخبز: “الأمر الأكثر سوءاً من الانتظار بمثل هذا الطابور هو سماع دوي الانفجارات المتتالية التي تنتج عن استهداف منازل المدنيين، خاصة عندما تكون قريبة من المخبز الذي نقف أمامه”.

وأضاف: “إسرائيل لا تفرّق بين مدني وعسكري، وإذا أرادت استهداف شخص ما لن يهمها إن كان بيننا أو لا، فهي لا محالة سوف تستهدفنا جميعاً”.

وتابع: “أنا لا أريد أن أموت وأترك أطفالي يعانون من بعدي؛ فأنا المعيل الوحيد لهم في هذه الحياة المأساوية التي غالباً ما تضعنا في اختبارات صعبة ومميتة”.

وعادة ما تستهلك عائلة نصار المكونة من ستة أفراد أربعة كيلوغرامات من الخبز يومياً، ولكن بسبب الظروف الصعبة التي يمرون بها قررت زوجته تقديم وجبة واحدة لأطفالها والقليل من الخبز لمرة واحدة بدلاً من ثلاث مرات.

قالت زوجته: “نحن نازحون ولا نعيش في منزلنا الخاص. كل شيء تغيّر وطوال الوقت نعيش تحت أصوات القصف والانفجارات، لا يوجد لدي مطبخ للطهي ولا حتى الأدوات اللازمة لذلك.. إننا حقاً نموت ببطء”.

ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة للأربعيني نضال الأشقر، الذي اعتاد الوقوف في طوابير الخبز الطويلة لأكثر من عشرة أيام؛ عقب نزوحه من مدينة غزة إلى رفح جنوب القطاع هرباً من الغارات الإسرائيلية.

وقال الأشقر، وهو أب لستة أطفال: “لقد مللت الانتظار طويلاً دون الحصول على الكمية الكافية لأطفالي، لذلك قررت زوجتي أن تصنع الخبز في المنزل”.

ومع ذلك، لا يمتلك الأشقر كمية كافية من غاز الطهي، ما دفع زوجته وفاء إلى استخدام الحطب لإشعال النار لطهي الطعام وإعداد الخبز لعائلتها “المشردة”، على حد تعبيرها.

وأعرب الزوجان عن مخاوفهما من احتمالية استهداف المنزل الذي يعيشون فيه حالياً من قبل طائرات الاحتلال الحربية؛ خاصة مع تصاعد الدخان من النيران.

وقالت وفاء: “في الغالب، أشعر أن طائرة مقاتلة إسرائيلية قد تهاجم منزلنا بسبب الدخان المتصاعد من الحطب”.

وأضافت: “نحن نعيش في صراع غير مسبوق وإسرائيل لا تفصل بين المدنيين والمسلحين”، مشيرة إلى أنه “حتى لو نجونا من الهجمات الإسرائيلية، فلن يكون لدينا ما يكفي من المال لشراء المزيد من الطحين إذا نفد”.

وإضافة إلى عائلتَي نصار والأشقر، هناك أكثر من 2.3 مليون مواطن يعانون من تبعات الحصار الإسرائيلي المشدد، الذي فرض قبل أسابيع على قطاع غزة؛ كعقاب جماعي للسكان الذين يعانون أصلاً من الفقر والعوز ونقص المواد الغذائية منذ أكثر من 17 عاماً.

وحسب مسؤولين أمميين وفلسطينيين، أدى تشديد الحصار الإسرائيلي والحرب العسكرية إلى شح كبير في البضائع مع اقتراب الأسبوع الثالث من الحرب من نهايته، دون أي مؤشرات على التوصل إلى اتفاق هدنة. ودفع ذلك شادي صالحة، وهو محامٍ من سكان مدينة رفح، للتعبير عن مخاوفه من تداعيات الواقع الحالي، قائلاً: “يبدو أن إسرائيل تتبع سياسة جديدة في قتلنا بغزة، من خلال ارتكاب مجازر جماعية عبر طائراتها الحربية أو قتلنا بشكل جماعي من خلال فرض مجاعة علينا”.

ويضيف: “إن إسرائيل تستهدف المخابز المنتشرة في القطاع. هل يمكنها أن تعطينا مبرراً منطقياً لذلك؟”، مشدداً على ضرورة حماية المدنيين من “الجنون الإسرائيلي” الذي يستهدف كل ما هو فلسطيني في غزة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى