قال المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، رون بن يشاي، إن “إسرائيل” تقف على مفترق طرق لاتخاذ أهم القرارات منذ بداية الحرب على غزة في ظل الضغوط الأمريكية الشديدة على حكومة نتنياهو.
وتتمثل تلك الضغوطات بالزيارات المتكررة للمسؤولين الأمريكيين خلال الأسبوعين الجاري والمقبل، والتي تُجبر نتنياهو وحكومته لاتخاذ قرارات سيكون لها “تأثير عميق” على طبيعة العلاقات مع إدارة بايدن خلال عام 2024.
ويرى المحلل العسكري أن عام 2024 قد يشهد تحولًا في المسار والجدول الزمني الذي سيعمل بموجبه جيش الاحتلال “الإسرائيلي” والأذرع الأمنية الأخرى على كافة الجبهات.
وأردف: “وأيضاً سيؤثر ذلك على طريقة إدارة عمليات تبادل الأسرى مع المقاومة في غزة”.
المرحلة “جـ”..
ويضيف: “هناك تفاهم شبه تام مع الأمريكيين على أن مرحلة القتال الحالية يجب أن تنتهي بشكل أو بآخر مع نهاية شهر يناير للعام المقبل 2024، وبعدها سينتقل الجيش (الإسرائيلي) إلى المرحلة ج”.
وبيّن المحلل العسكري في “يديعوت” أنه في المرحلة “ج” يريد الأمريكيون من جيش الاحتلال أن ينسحب تدريجياً من معظم أراضي قطاع غزة وأن يقلص عدد القوات الموجودة في أراضي القطاع.
ورجح المحلل العسكري، أن يتم تسريح جزء كبير من قوات الاحتياط، “حيث سيكون القتال بكثافة أقل بكثير وتركيزاً أعلى، خاصة وأنه في هذه المرحلة سيكون مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي لا زالوا موجودين تحت الأرض؛ إلا أنهم لن يقاتلوا كهيئة منظمة”.
ويكشف “بن يشاي” أن أحد الاحتمالات التي تمت مناقشتها بخصوص المرحلة “ج” هو إنشاء منطقة عازلة بين قطاع غزة والمستوطنات في غلاف غزة تمتد لما يقارب 3 كيلو مترات على الأطراف الشمالية والشرقية.
ولفت النظر إلى أن الأميركيين “غير متحمسين” لهذه الفكرة كظاهرة دائمة، “كونها تقلل المساحة التي يسيطر عليها الفلسطينيون في القطاع”، لكنهم مستعدون لتحملها كإجراء مؤقت تتخذه “إسرائيل” حتى يتم تحقيق نظام أمني دائم في مناطق الجنوب.
وأما المتفق عليه خلال المرحلة القادمة هو أن جيش الاحتلال والشاباك سيواصلون العمل داخل قطاع غزة والقيام بجهود استخباراتية وقتالية لمنع عودة حماس والجهاد الإسلامي للعمل ضد “إسرائيل” وتكرار سيناريو السابع من أكتوبر.
ووفق ما كشف “بن يشاي” أن القتال مع حماس والجهاد الإسلامي ستتم من خلال هجمات “دقيقة” من الجو وغارات من القوات البرية، بشكل يسمح للمستوطنين بالعودة إلى المستوطنات في المنطقة الواقعة على بعد 4-7 كيلومترات من الحدود بالعودة في غضون أشهر قليلة.
واستدرك: “بالمقابل على إسرائيل خلال المرحلة القادمة السماح للنازحين الفلسطينيين في وسط وجنوب قطاع غزة بالعودة إلى ما تبقى من مناطق إقامتهم الأصلية، والبدء بإعادة إعمار المدمر منها”.
ونوه إلى أن إعادة الإعمار سيكون بتمويل هائل من الدول “النفطية” العربية.
اليوم التالي لـ “الحرب على غزة”..
ويوضح المحلل الإسرائيلي أن نقطة الخلاف الأساسية بين “إسرائيل” وواشنطن تتمحور حول “اليوم التالي للحرب”، حيث يرفض أمن الاحتلال هذا المصطلح الذي صاغه الأمريكيون.
وأكمل: “يطالب الأمريكيون إسرائيل بتقديم خطة ليس فقط فيما يتعلق بالإدارة وشكل السيطرة على القطاع الذي سيكون في نهاية الحرب، بل أيضا خطة الاستعداد للدخول في عملية سياسية تؤدي إلى تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس مبدأ حل الدولتين”.
نتنياهو أعلن أنه لا يوافق على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب “دولة إسرائيل”، وأنه غير مستعد لأن تقوم السلطة الفلسطينية بذلك وحدها أو بالمشاركة في الإدارة المدنية لقطاع غزة.
ويعتقد “بن يشاي” أن هذا الإعلان جاء لاعتبارات سياسية تتعلق ببقاء نتنياهو في الائتلاف الذي يقوده وليس لقناعته بذلك.
وحددت الإدارة الأميركية سقف زمنيا يمتد حتى نهاية الشهر المقبل لتعرض تل أبيب عليها موقفاً موحدًا بشأن “اليوم التالي”، إلا أنه وحتى الآن ليس لدى “إسرائيل” موقف متماسك.
ويرى المحلل العسكري “رون بن يشاي” أن من الحل الأمثل هو ايجاد قوة دولية يتولى الأمريكيون الإشراف على إنشائها مع إدارة تضم مسؤولين محليين كانوا في السابق مسؤولين في السلطة الفلسطينية إلى جانب سيطرة أمنية من الاستخبارات الإسرائيلية على غرار السيطرة الأمنية على الضفة الغربية.
وتكمن أهمية وجود السلطة الفلسطينية في إدارة غزة لإضفاء الشرعية كحكومة مدنية في غزة، كما أنها تعرف القيام بالتنسيق الأمني مع “إسرائيل”، وفق تعبير محلل يديعوت.
وبالتالي ستمنع (السلطة الجديدة في غزة) حدوث صراعات “غير مرغوب فيها ” داخل القطاع، وأما إذا لم تتحمل السلطة الفلسطينية مسؤوليتها رسميًا تحت إشراف أمريكي و/أو دولي؛ “فإن إسرائيل ستكون مجبرة على تحمل مسؤولية القطاع، سواء في حالة وقوع كارثة إنسانية أو أيضًا فيما يتعلق بإعادة تأهيله مما سيكلفها المليارات”.
خيبة أمل في “إسرائيل”..
على صعيد آخر، ذكر المحلل العسكري أنه يمكن ملاحظة خيبة الأمل في “إسرائيل” كون الضغط العسكري لا يدفع يحيى السنوار للمطالبة بصفقة تبادل جديدة، بل إنه يجعل “السنوار” متمسك بشروطه أكثر فهو يطالب بوقف الحرب بشكل كامل كشرط لدخول مفاوضات جديدة.
وهذا “الجمود في المفاوضات” يفرض على “إسرائيل” مطالبة الأمريكيين بممارسة ضغوط أكبر على حماس من خلال قطر ومصر، وربما تبادر تل أبيب للعودة للمفاوضات من خلال قطر، وفق “يديعوت”.
جبهة الشمال (لبنان)..
وعن الجبهة الشمالية وحزب الله ذكر المحلل “بن يشاي” أن أمن المستوطنات على الحدود الشمالية هي قضية أخرى سيتم مناقشتها مع المسؤولين الأميركيين.
وقال: “حيث الضاغط هنا هي إسرائيل، التي تقول إن على الولايات الأمريكية تسريع الجهود الدبلوماسية لأن عشرات آلاف المستوطنين الذين تم إجلائهم من الشمال لن يوافقوا على العودة إلى منازلهم طالما أن حزب الله قريب من الحدود، كما أنهم لن يتمكنوا من البقاء كلاجئين لفترة أطول”.
وما تريده تل أبيب هو البدء بتنفيذ “وضع أمني الجديد” في جنوب لبنان، قبل مطلع شهر فبراير المقبل، بحيث ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني.
فيما يطالب الأمريكيون “إسرائيل” بعدم التسرع في شن حملة عسكرية ضد حزب الله باستخدام القوات التي ستنسحب قريباً من قطاع غزة حيث يؤدي التصعيد إلى حرب إقليمية، حسب مقال رون بن يشاي.