تقارير ودراساتفلسطيني

استشهاد 71 صحفيا وإصابة آخرين صحفيو غزة .. بين مخاطر تغطية العدوان وألم الفقدان

ينهمك الصحفيون الفلسطينيون في تغطية الأحداث في غزة رغم المخاطر المحدقة بحياتهم، وفقدان عدد من زملائهم ومعداتهم جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ورغم ارتدائهم الزي المعترف به دوليا من سترات زرقاء مكتوب عليها (صحافة) وغطاء رأس (خوذة)، واتخاذهم كل إجراءات السلامة خلال الحروب والكوارث، إلا أن حياتهم معرضة للخطر في كل لحظة.

ويلاحظ أن الضحايا من الصحفيين هم من جميع الفئات الإعلامية العاملة في قطاع غزة تقريبا، إذ بينهم مراسل لتلفزيون فلسطين الرسمي، وموظفين في وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، وآخرون يعملون لحساب وسائل إعلام محلية أو مؤسسات دولية أو أهلية أو من ينشطون بشكل مستقل.

وقد ترافق تصعيد استهداف الصحفيين في غزة مع تحريض علني ضدهم من وزراء ومسئولين إسرائيليين من خلال نشر تقارير تحاول التشكيك بنزاهة بعضهم.

يقول الصحفي وائل أبو محسن إن “الصحفيين الفلسطينيين رغم التحريض والاستهداف المستمر قدموا مثالا يحتدان به على مذبحة الحرية والكرامة من أجل نقل أحداث العدوان الإسرائيلي الهمجي إلى العالم”.

ويضيف أبو محسن  أن الصحفيين الشهداء والجرحى والذين يواصلون عملهم رغم المخاطر ونقص الإمكانات سيكتب أسماءهم في سجلات الشرف والعزة وسوف يخلدهم التاريخ وينصفهم في ظل حالة الخذلان.

وتابع أن عدد شهداء مهنة المتاعب خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل، يوازي 120 % ممن قتلهم الاحتلال خلال 23 عاما، كما يساوي أكثر من 3 أضعاف ما قتل من الصحفيين في كل أنحاء العالم منذ بداية العام الجاري.

ويشير إلى أنه وعدد من الزملاء تواصلوا خلال أيام التهدئة الإنسانية الماضية مع عائلات بعض الصحفيين الشهداء وقدموا لهم دعما نفسيا وماديا.

ونشر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، مؤخرا، قائمة تضم أسماء الصحافيين الذين استشهدوا أثناء عملهم في الميدان أو جراء قصف طيران الاحتلال لمنازلهم دون سابق إنذار، كما حدث مع الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف الذي ارتقى مع 45 فردا من عائلته في مدينة غزة منتصف الشهر الفائت.

مخاطر محدقة

ووفق نقابة الصحافيين الفلسطينيين فإن جيش الاحتلال غيب خلال عدوانه المتواصل على غزة 101 صحفي وصحفية، من بينهم 71 شهيدا من الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، وصحفيان مفقودان، و28 في سجون الاحتلال.

ومع استأنف جيش الاحتلال غاراته الجوية على القطاع، بعد سبعة أيام من التهدئة الإنسانية برعاية قطرية مصرية أمريكية، أعلن عن استشهاد المصور الصحفي عبد الله درويش أثناء عمله في شمال قطاع غزة.

والمصور درويش هو الشهيد الواحد والسبعون من فرسان مهنة المتاعب خلال هذا العدوان الأشد قسوة وإجراما بالنسبة للصحافيين والعاملين في مجال الإعلام.

ورغم ذلك يواصل الصحفيون عملهم في رصد الأحداث ونقل الأخبار والمجازر بحق المدنيين إلى وسائل الإعلام التي يعملون لصالحها دون كلل أو ملل، على الرغم من يقينهم بأنهم قد يكونون هم الحدث.

ويؤكد الصحافيون ومعظمهم يقيمون في المستشفيات أنهم لن يتخلوا عن مهنتهم وسوف يواصلون تغطية العدوان على الرغم من سيل المخاطر المحدقة بحياتهم.

ويقول الصحفي إسماعيل الغول ويقيم في مستشفى المعمداني وسط غزة “الإعلام رسالة مقدسة ولن نغمد أقلامنا مهما فعل الاحتلال من جرائم”.

ويضيف لوكالة سند للأنباء أنه “يعيش في بعض الأحيان أوقاتا عصيبة كلما أستذكر زملاءه الذي استشهدوا جراء الغارات الإسرائيلية وأحيانا يشعر أنه هو الهدف القادم”.

واتهمت منظمة مراسلون بلا حدود إسرائيل بتحويل غزة إلى “مقبرة للصحافيين” مع استمرار استهداف عدوانها على القطاع.

وحذرت المنظمة الدولية في بيان صحفي من وضع كارثي بسبب تجاهل الحكومة الإسرائيلية دعوات حماية الصحافيين في حربها ضد قطاع غزة، وأعرب عن مخاوفها من “استئصال الصحافة في فلسطين عامة وفي غزة على وجه الخصوص”.

وأسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي كل المعاهدات والمواثيق الدولية خلال عدوانه المستمر على القطاع لليوم ال 57، كما عمل على تغيب أصوات الصحافيين من خلال قطع الاتصالات والإنترنت في بعض أيام العدوان.

كسر حالة العزلة

ورغم ذلك تمكن صحفيون فلسطينيون من كسر حالة العزلة التي خيمت على غزة، لأكثر من مرة من خلال استخدام الشرائح الإلكترونية لأول مرة في المنطقة المحاصرة.

وحصل عدد من الصحافيين على شرائح إلكترونية مجانا من خلال مبادرات خيرية أطلقها نشطاء عرب من دول مختلفة مطلع الشهر الماضي، لمساعدتهم على التواصل والاتصال مع أقاربهم وأصدقائهم ولمتابعة عملهم في تغطية الأحداث الدامية بقطاع غزة.

ويقول المصور الصحفي ياسر فتحي لوكالة سند للأنباء إن صديقا له من مصر زوده بكود إحدى الشرائح الإلكترونية ما مكنها من الاستمرار في نقل أخبار وتقارير عن الأوضاع في القطاع.

ويقول صحفيون ونشطاء في غزة إنهم أصبحوا يعتمدون على الشرائح الإلكترونية لإتمام عملهم ونقله في دقائق معدودة إلى مؤسسات وشركات إعلامية متعاقدين معها أو نشره عبر منصات التواصل الاجتماعي ليشاهد العالم ما يجري في غزة.

وتتيح الشرائح الإلكترونية (E- SIM) خيار تنشيط خطة البيانات الخلوية لشبكة الهاتف المحمول، دون الحاجة إلى وجود بطاقة SIM فعليه.

كما تقدم نفس مزايا شريحة الاتصال التقليدية وتتبع شركة اتصالات من البلد الصادرة عنه، لكنها شريحة رقمية، تتألف من رمز يتم إدخاله في إعدادات الهاتف الذكي.

وتظهر الشريحة الرقمية عند استخدامه في قطاع غزة، على أي شبكة تظهر على الهاتف المتنقل، سواء كانت فلسطينية أو إسرائيلية أو مصرية من خلال تفعيل خدمة التجوال الدولي.

ومع ذلك، يشتكي مستخدمو الشرائح الإلكترونية من أنها لا تعمل في جميع المناطق وبأن إشارتها عادة لا تعمل ولا يتم التقاطها إلا من مناطق مرتفعة مثل الأبراج والمنازل السكنية متعددة الطوابق.

ويرى إعلاميون فلسطينيون أن استخدام الشرائح الإلكترونية ساهم في تعزيز حرية الصحافة والنشاط الحقوقي في قطاع غزة، كما ساعد في تحسين جودة التواصل بين الصحفيين والنشطاء داخل القطاع ومع العالم الخارجي.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى أبو السعود إن الاحتلال الإسرائيلي فشل رغم قتل عشرات الصحفيين وقطع الاتصالات والإنترنت لأكثر من مرة في تصدير روايته للأحداث في قطاع غزة إلى العالم حتى الآن.

ويوضح أبو السعود لوكالة سند للأنباء أن نجاح عدد من الصحفيين الفلسطينيين في التغلب على قطع خدمات الاتصالات والإنترنت، قوض خطة الاحتلال الرامية بالاستفراد بقطاع غزة وتصدير رواياتها القائمة على الغش والخداع والتدليس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى